شعار قسم مدونات

هل استشهاد هنية هو نهاية معركة الطوفان؟

رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الراحل إسماعيل هنية (وكالة الأناضول)

إسماعيل هنية ابن جورة عسقلان وأحد مرابطي غزة، ابن مخيم الشاطئ المولود يوم الأربعاء يغادر العالم الأرضي يوم الأربعاء أيضًا ولكن بعيدًا هناك في طهران، وهكذا مسار هذه الحياة خاصة لمن خاضوا غمار النضال بمختلف أشكاله وألوانه.

إسماعيل هنية أحد مبعدي مرج الزهور المجموعة التي ثبت فيما بعد خطرها على الكيان فعلًا، فقد مثلت العقل المدبر فيما بعد لكل خطابات حماس السياسية وأفعالها على الأرض

بساطة المظهر والخطاب، والوضوح -المفرط ربما- تجعل من إسماعيل هنية نوعًا قليل الوجود في عالم النضال السياسي تحديدًا، والأمر اللافت أن يتمكن خريج الأدب العربي من اجتياز رهافة اللغة لمعامع القتال والنضال بكل أشكاله وصوره.

إسماعيل هنية أحد مبعدي مرج الزهور المجموعة التي ثبت فيما بعد خطرها على الكيان فعلًا، فقد مثلت العقل المدبر فيما بعد لكل خطابات حماس السياسية وأفعالها على الأرض، ولهذا كانت عودتهم بعد معاناة شديدة في النفي مفارقة مكنتهم من تغيير الواقع على الأرض، والانتقال لطور مختلف جديد.

ذلك الجيل تحديدًا هو الذي رسم ملامح حماس المستقبل وخياراتها، حتى جرت تصفية مجموعة كبيرة منهم بالتتابع لاحقًا، بداية من رأس الحركة الشيخ أحمد ياسين، وانتهاء بهنية اليوم الذي تأخر عن رفاقه عشرين حولًا عرفت من التغيرات في العالم بأسره ما لم يكن معهودًا قبله.

يمكن القول بأن حماس لم تخسر بعد الشيخ أحمد ياسين والرنتيسي وإسماعيل أبو شنب والعاروري خسارة كإسماعيل هنية، فعدا عن كونه من الجيل المؤسس، والذي عرف الانتفاضة الأولى بتفاصيلها، وأعلن رفضه لأوسلو، وعاش التسعينيات وما فيها، ثم انتفاضة الأقصى واستشهاد محمد الدرة وما بعده، وتحولات المنطقة بعد العام 2003م، انتهاء بالانقسام الفلسطيني، والربيع العربي، والخبرات المتراكمة التي أفرزها، وأنتجها، حيث بات قطاع غزة، وعبر ذلك كله.

إعلان

يمكن انتقاد مسيرته كأي قائد آخر، وكأي شخص تحمل تبعات المسؤولية في لحظة معقدة للغاية، ولكن المؤكد أيضًا أن خسارته ثقيلة على حماس، فالكاريزما، والخطابة، والبساطة، والتعامل البسيط مع الآخرين، وتقبل الآلام الثقيلة، والجراح، كلها عوامل تعني الكثير لكل من عرفه أو أحاط به، أو التقاه.

لا شكّ أن الاحتلال في كل الحالات خاسر تمامًا، فخروجه من المعركة هذه المرة ليس ككل مرة، وصورته لم تعد حاضرة بقوة، وروايته لم تعد مصدقة

بقي أن يقال هل استشهاد هنية هو نهاية معركة الطوفان؟ وهل هو الثمن الذي تريده إسرائيل لتقول انتصرنا وتنهي الأمر بهدوء؟ أم أن القوس لا يزال مفتوحًا على احتمالات أخرى جديدة؟

لا شك أن الانتخابات الأميركية ليست عاملًا حاسمًا تمامًا، ولكن العوامل الاقتصادية الداخلية في إسرائيل هي ما سيلقي بظلاله على القرار في هذه الحالة، وكذلك مدى القدرة على حل موضوع التبادل والذي يبدو ثانويًا في ظل مصرع عدد كبير من الأسرى، وتحرير عدد آخر.

ولا شك أن الاحتلال في كل الحالات خاسر تمامًا، فخروجه من المعركة هذه المرة ليس ككل مرة، وصورته لم تعد حاضرة بقوة، وروايته لم تعد مصدقة، وشعبُه مطارد حتى في المطاعم من اليابان مرورًا بفيتنام وانتهاء بفرنسا.

إسماعيل هنية.. تقبلك الله يا أبا العبد.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.


إعلان