ما فائدة مقاطعة المنتجات الداعمة لإسرائيل؟
لم يتوقف العالم منذ أكثر من سنة عن تنظيم الاحتجاجات ضد المجازر التي ترتكبها إسرائيل في حربها على غزة وبعدها لبنان، وقد تضمنت تأكيدات على دعوات مقاطعة المنتجات التي ظهرت داعمة للاحتلال الإسرائيلي في حربه، والتي انطلقت شرارتها منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
لكن الآن وبعد الإفصاحات المتتالية لهذه الشركات تبين التأثير القوي لحراك جماعي ساكن ضد شركات أملا في منع مورد مالي من الوصول إلى الاحتلال الإسرائيلي.
وفي هذا الصدد يرى المقاطعون أن شراء السلع أو الخدمات للشركات الداعمة لإسرائيل أو المنتمية لدول تدعم إسرائيل تؤدي إلى إيرادات فأرباح فضرائب لحكومات داعمة لإسرائيل في حربها على قطاع غزة.
وتقول أسماء بدوي من مصر للجزيرة نت إنها لا تستطيع أن تقدم شيئا لغزة وأهلها المحاصرين الذين يقتلون يوميا على مرأى ومسمع من الجميع، لذا فإن مقاطعة منتجات الدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي أقل ما يمكن تقديمه لشعب يعاني ما يسمع عنه الجميع من خلال وسائل الإعلام.
وهذا ما ذهب إليه المحلل السياسي ورئيس جمعية الصحفيين العمانية، محمد العريمي إذ قال إن هناك تأثيرا إيجابيا واضحا لحملة المقاطعة على المستويين الشعبي والرسمي.
وقال العريمي للجزيرة نت: "المقاطعة تعطي إشارة واضحة للشركات الداعمة للكيان الصهيوني بأن هناك ثمنا تدفعه لدعمها الاحتلال. كما أن المقاطعة تدعم معنويات الشعب الفلسطيني".
وشدد العريمي على ضرورة استمرار هذه الحملة، مؤكدا أنها ليست مقتصرة على مقاطعة البضائع، بل تشمل جوانب أخرى مثل التواصل الثقافي والرياضي.
الإطاحة بكارفور الأردن
أثار إعلان سلسلة متاجر (كارفور) في الأردن إغلاق جميع فروعها في الأردن (51 فرعا) اعتبارا من الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي ردود فعل مرحبة واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وكانت كارفور من ضمن العلامات التجارية التي أطاحت بها حملة المقاطعة التي انخرط فيها السواد الأعظم من الأردنيين تضامنا مع غزة منذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وذلك بعد انتشار مقاطع فيديو على مواقع التواصل تظهر جنودا إسرائيليين يحملون مواد غذائية موضوعة في أكياس عليها شعار كارفور.
وقالت "كارفور الأردن" في صفحتها الرسمية عبر فيسبوك: "اعتبارا من الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ستوقِف كارفور جميع عملياتها في الأردن ولن تستمر في العمل داخل المملكة، نشكر عملاءنا على دعمهم ونعتذر عن أي إزعاج قد ينتج عن هذا القرار".
وبالتزامن مع هذه الخطوة، أطلقت مجموعة الفطيم الإماراتية صاحبة امتياز علامة كارفور اسما جديدا لسلسلتها المختصة بالبيع بالتجزئة، وهو اسم العلامة التجارية "هايبر ماكس" بديلا عن العلامة الفرنسية.
وأدى استمرار حملات المقاطعة الأردنية منذ ما يزيد على العام، للشركات والعلامات التجارية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، إلى تراجع الأرباح الصافية والإيرادات الكلية، والمبيعات الإجمالية لهذه الشركات، بل إن بعض الشركات العالمية أغلقت عددا كبيرا من فروعها بالأردن نتيجة تعاظم حملات المقاطعة الشعبية.
وتشير مصادر إلى أن مبيعات كارفور في الأردن شهدت انخفاضا حادا تجاوزت نسبته 80% منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، مما دفع إدارة الشركة الفرنسية لاتخاذ قرار الإغلاق، بعد فشل محاولاتها السابقة بتخفيض أسعار منتجاتها، وإعلانها عن عروض وحوافز لاجتذاب الزبائن، إلا أن الإقبال عليها بقي دون النتائج المرجوة، في رحلتها الطويلة للهروب من حصار المقاطعة.
وأكد الخبير الاقتصادي الأردني عامر الشوبكي أن سياسة المقاطعة أصبحت قناعة لدى الأردنيين، وقال، في حديث للجزيرة نت إن "مقاطعة البضائع الأميركية أو العلامات التجارية الداعمة للاحتلال الإسرائيلي أصبحت نمط حياة بالنسبة للمواطن الأردني، ولأول مرة نرى المقاطعة بهذا الشكل".
سلطنة عمان
وفي سلطنة عُمان تغير سلوك المشترين ليصبح تفقُد العلامة التجارية ضروريا، لتحديد المنتجات التي تطالها المقاطعة، وبات العديد من المشترين يستعينون بوسائل مختلفة كهواتفهم للتأكد إن كانت سلعة ما موجودة ضمن قوائم السلع المقاطعة أم لا.
ويرى الباحث الاقتصادي علوي المشهور أن تأثير المقاطعة كان إيجابيا على الاقتصاد المحلي، إذ أسهمت في تقليل التحويلات الخارجية المرتبطة بوكالات تجارية عالمية، وأتاحت الفرصة لصعود بدائل محلية، كما أسهمت في تعزيز حركة الأموال داخل الدولة.
ويقول المشهور إن "المقاطعة مكنت الشركات المحلية من النمو، لا سيما في القطاعات التي كانت تهيمن عليها شركات دولية يصعب منافستها. ورغم أن بعض البدائل المحلية قد لا تتساوى في الجودة أو الكفاءة، فإن الإقبال الشعبي أتاح لها فرصة تطوير قدراتها".
الشركات المقاطعة
تكشف النتائج المالية للشركات الواقعة تحت مظلة المقاطعة نجاحا متفاوتا يظهر من خلال تراجع الإيرادات أو الأرباح أو تراجع ما تم تحقيقه من الشرق الأوسط أو المنطقة العربية أو العالم الإسلامي بما في ذلك في دول المحيط الهادي أو الدول الآسيوية، أو من خلال تجمع أكثر من مؤشر في القائمة المالية الواحدة، وإلى المؤشرات:
ستاربكس
كشفت سلسلة متاجر القهوة الأميركية (ستاربكس) عن تراجع مبيعاتها 7% خلال الفترة بين يوليو/تموز وسبتمبر/ أيلول 2024 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، في ظل حملات المقاطعة.
وتظهر البيانات المالية للشركة في ربعها الأخير من سنتها المالية، الذي يبدأ مطلع يوليو/ تموز وينتهي في 29 سبتمبر/أيلول وفقا لتقويمها الخاص، أن أرباحها تراجعت إلى 909.3 ملايين دولار من 1.21 مليار محققة في الربع المقابل من السنة الماضية.
وانخفضت مبيعات متاجر ستاربكس في أميركا الشمالية والولايات المتحدة 6%، في حين تراجعت في الأسواق الدولية بنسبة 9%.
وشهدت مبيعات شركة المقاهي في الصين انخفاضا بنسبة 14% وفقا للبيانات نفسها.
وبلغت إيرادات ستاربكس في الفترة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول نحو 9.1 مليارات دولار، مسجلة انخفاضا سنويا بنسبة 3.2%.
وبلغت إيرادات الشركة في كامل السنة المالية المنتهية في سبتمبر/أيلول الماضي 36.2 مليار دولار في السنة الماضية، مسجلة زيادة بنسبة 1%.
كما انخفض ربح الشركة لكل سهم بنسبة 25% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي ليصل إلى 80 سنتا، وتراجعت إيرادات الشركة وأرباحها إلى ما دون توقعات السوق.
أمريكانا
تراجعت أرباح شركة أمريكانا للمطاعم بنحو النصف خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، وسط مقاطعة تشهدها أسواق في المنطقة ضد علامات تجارية متهمة بدعم إسرائيل.
وشركة أمريكانا للمطاعم حاصلة على امتياز سلاسل عالمية، أبرزها بيتزا هت وكنتاكي، وهي مدرجة في البورصة السعودية.
وذكرت الشركة في إفصاح أنه خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي انخفض صافي أرباحها بنسبة 48.2% إلى 440.18 مليون ريال (117.4 مليون دولار).
وكان صافي أرباح أمريكانا للمطاعم في الفترة المقابلة من العام الماضي قد بلغ 850.11 مليون ريال (226.7 مليون دولار).
وقالت الشركة في إفصاح للبورصة السعودية إن انخفاض صافي الأرباح جاء نتيجة لتراجع المبيعات بسبب الوضع الجيوسياسي، وتطبيق ضريبة الشركات في دولة الإمارات.
وتدير أمريكانا للمطاعم علامات تجارية عالمية مثل دجاج كنتاكي أو ما تعرف بـ"كيه إف سي"، وبيتزا هت، وهارديز، وكريسبي كريم، وتي جي آي فرايديز.
ماكدونالدز
أما شركة مطاعم ماكدونالدز الأميركية فقد تراجعت مبيعاتها في الأسواق بالمجمل 1.5% في الربع الثالث مقارنة بارتفاع 8.8% في الربع المقابل من السنة الماضية.
وفي الأسواق التي تعمل فيها مطاعم ماكدونالدز بترخيص من الشركة الأم انخفضت المبيعات 3.5% تحت ضغط "التأثير المستمر للحرب في الشرق الأوسط" وانخفاض المبيعات في الصين.
وفي المجمل، تراجع ربح الشركة 3% إلى 2.25 مليار دولار في الربع الثالث مقارنة بـ2.31 مليار محققة في الربع المقابل من السنة الماضية، وزادت الإيرادات 3% إلى 6.87 مليارات دولار من 6.69 مليارات.
وفي الأشهر التسعة الماضية تراجع ربح الشركة 3% إلى 6.2 مليارات دولار من 6.43 مليارات في الفترة المقابلة من السنة الماضية، في حين زادت الإيرادات 2% إلى 19.53 مليار دولار من 19.08 مليارا في الفترة المقابلة من السنة الماضية.
كوكاكولا
تراجع الدخل التشغيلي لشركة كوكاكولا في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا 14% في الربع الثالث إلى 977 مليون دولار من 1.15 مليار في الربع المقابل من السنة الماضية، دون إشارة من الشركة إلى تأثير المقاطعة.
وانخفضت إيرادات الشركة 1% إلى 11.85 مليار دولار من 11.95 مليارا في الربع الثالث من السنة الماضية، كما تراجعت أرباحها 8% إلى 2.84 مليار دولار من 3.07 مليارات في الربع المقابل من السنة الماضية.
بيبسيكو
تراجعت إيرادات بيبسيكو من الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا 4% في الربع الثالث إلى 1.55 مليار دولار من 1.61 مليار في الربع المقابل من السنة الماضية.
وانخفضت الإيرادات من المناطق الثلاث في الأشهر التسعة الأولى من السنة إلى 4.2 مليارات دولار من 4.18 مليارات في الفترة المقابلة من السنة الماضية.
كما انخفضت الأرباح التشغيلية المحققة من الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا إلى 197 مليون دولار من 238 مليونا في الربع المقابل في السنة الماضية، في حين تراجعت الأرباح التشغيلية في الأشهر التسعة الأولى من السنة الحالية إلى 590 مليون دولار من 656 مليونا في الفترة المقابلة في السنة الماضية.
وفي المجمل، هبطت إيرادات الشركة إلى 23.31 مليار دولار في الربع الثالث من السنة الحالية من 23.45 مليارا في الربع المقابل من السنة الماضية.
وانخفضت أرباح الشركة إلى 2.93 مليار دولار من 3.09 مليارات في الربع الثالث من السنة الماضية.