الجبهة الشمالية لإسرائيل حدود ملتهبة مع لبنان وسوريا
الجبهة الشمالية جبهة عسكرية إسرائيلية، يدور الصراع المسلح فيها على امتداد الحدود مع سوريا ولبنان، وتقع المواجهات غالبا بين قوات الاحتلال والمقاومة المسلحة في البلدين المذكورين -لا سيما حزب الله اللبناني– ويتركز حراكها العملياتي والاستخباراتي في مرتفعات الجولان والمناطق الواقعة على جانبي الخط الأزرق في الجليل المحتل وجنوب لبنان.
والجبهة الشمالية ثالثة الجبهات الرئيسية التي تخوض فيها إسرائيل مواجهات ضد المقاومة، بعد جبهتي قطاع غزة والضفة الغربية، وتطرح لها تحديات كبيرة نظرا لامتلاك حزب الله بنية تحتية قوية وتجهيزات عسكرية هائلة، تستند إلى دعم قوي وثابت من إيران.
وبعد معركة طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات غلاف غزة، شهدت الجبهة الشمالية تصعيدا عسكريا حادا بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله بمشاركة فصائل مقاومة فلسطينية ولبنانية أخرى، وقد أسفرت المواجهات الدامية عن دمار هائل وتهجير وخسائر بشرية ومادية كبيرة لحقت جانبي الصراع.
الأهمية الإستراتيجية للجبهة الشمالية
للجبهة الشمالية أهمية إستراتيجية تؤثر بشكل عميق على واقع دولة الاحتلال ومستقبلها في كافة المجالات الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والديمغرافية.
وتعود أهمية هذه الجبهة -التي تتمسك إسرائيل بتعزيز قدراتها فيها والحفاظ عليها ضمن وضع عسكري متفوق- إلى مجموعة معطيات معقدة ومتداخلة، أبرزها:
موقع حدودي متوتر مع دول معادية: فشمال إسرائيل منطقة حدودية ذات أهمية إستراتيجية كبيرة من الناحيتين الأمنية والعسكرية، إذ تمتد حدودها على مسافة تبلغ نحو 120 كيلومترا. وتتنوع التحديات على الطرف الآخر من الحدود، ما بين حزب الله وفصائل فلسطينية مقاومة في مخيمات اللاجئين بالجنوب اللبناني، ونظام سوري "معاد" لإسرائيل وغير مستقر، وفصائل فلسطينية مسلحة في سوريا، ويزيد من خطورة الوضع تلقي معظم تلك الجهات دعما عسكريا وماديا مستمرا من إيران.
قدرات عسكرية متفوقة لحزب الله: يعتبر حزب الله العدو الأشد خطورة على إسرائيل على الجبهة الشمالية، إذ يتمتع بقدرات استخباراتية وعسكرية متفوقة، وبجيش من المقاتلين المحترفين يقدر عددهم -وفق وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في كتاب "حقائق العالم" لعام 2021- بـ45 ألف مقاتل، منهم نحو 20 ألف جندي بدوام كامل.
ويمتلك الحزب ترسانة هائلة من الأسلحة كمّا ونوعا، يقدر مخزونها بنحو 150 ألف صاروخ وقذيفة وأسلحة فتاكة أخرى، بما فيها صواريخ موجهة متوسطة وطويلة المدى بإمكانها إصابة أهداف دقيقة على كامل مساحة إسرائيل، وقادرة على تدمير البنية الحيوية لأهداف مدنية واقتصادية وعسكرية، والتسبب في خسائر بشرية فادحة.
وفضلا عن ذلك، يمتلك الحزب أنظمة سيبرانية في غاية التطور، وشبكة كثيفة ومعقدة من الأنفاق والمخابئ لإيواء وحدات المدفعية، وإبقائها بعيدا عن الهجمات الجوية الإسرائيلية، كما يحظى الحزب بدعم إيراني عسكري ومادي ثابت وقوي.
وتؤهل تلك العوامل جميعها حزب الله للاستمرار في حرب طويلة الأمد، تسبب للاحتلال أضرارا جسيمة دون أن يخسر الحزب كثيرا، وهو ما يتطلب من القوات الإسرائيلية جاهزية عسكرية وتكتيكية عالية.
بنية ديمغرافية معرضة للخطر: اعتمدت إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948 على بناء "جذور راسخة" في الأرض عن طريق الاستيطان وتغيير التركيبة الديمغرافية للمناطق المحتلة، لضمان امتداد جغرافي يدعمه امتداد بشري متين، ومن ذلك أنها حرصت على بناء مستوطنات على طول الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة مع لبنان، وتشييد مستوطنات في الجولان السوري المحتل.
ويحظى مستوطنو الشمال، لا سيما سكان المناطق الحدودية، بـ"قيمة وطنية استثنائية" في الثقافة الإسرائيلية باعتبارهم "المؤسسين الأوائل"، والأكثر تمسكا بالأرض، والجدار البشري الحامي لحدود إسرائيل أمام التحديات المباشرة والاشتباكات المستمرة.
ويؤثر الصراع في الجبهة الشمالية على البنية الديمغرافية للسكان، إذ تتخلل فترات الصراع الشديدة عمليات نزوح تتسم بطابع طوعي في الغالب، غير أن المعادلة اختلفت في أعقاب معركة طوفان الأقصى، فقد اتخذ النزوح شكلا أشد حدة واتساعا، بناء على أوامر حكومية رسمية، عقب الضربات الصاروخية لحزب الله على المستوطنات والتجمعات الإسرائيلية في الشمال.
ففي أكتوبر/تشرين الأول 2023، أجلت سلطات الاحتلال نحو 80 ألف إسرائيلي من عشرات المستوطنات والتجمعات السكانية الواقعة بالقرب من الحدود اللبنانية، وأعلن الجيش الإسرائيلي للمرة الأولى أن المنطقة الممتدة من الحدود اللبنانية إلى مسافة 4 كيلومترات هي "منطقة عسكرية مغلقة" يُمنع دخولها على المستوطنين، الذين تم ترحيلهم إلى مناطق الوسط والداخل بغرض التقليل من الخسائر البشرية، والتركيز على المعارك في غزة.
وتشير الاستطلاعات المحلية إلى عزوف نحو 40% من السكان الذين تم إجلاؤهم عن العودة إلى منازلهم بعد انتهاء الحرب، كما أبدى 10% ممن لم يتم إجلاؤهم رغبة في مغادرة الشمال بشكل دائم، مما يشكل تهديدا لمستقبل التركيب الديمغرافي في المنطقة، والذي عملت إسرائيل بجد منذ ستينيات القرن العشرين على تأسيسه وتغذيته عبر إغداق الإنفاق على المخططات الاستيطانية وتنفيذ المشاريع الحضرية، لتهويد الجليل وتوطين اليهود فيها.
وقد خلف الوضع الأمني والاقتصادي والاجتماعي المتدهور في الشمال حالة من العصيان بين رؤساء المستوطنات في المنطقة، الذين دعوا في مايو/أيار 2024 إلى انفصال أحادي عن الدولة، وإعلان "قيام دولة الجليل".
ومع تفاقم الوضع تحولت القوات الإسرائيلية إلى التركيز بشكل أكبر على الجبهة الشمالية، وصرح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت مرارا بضرورة توسيع نطاق أهداف الحرب، بما يضمن العودة الآمنة لسكان الشمال إلى ديارهم.
مركز اقتصاد حيوي: تعتبر المناطق الشمالية بمثابة خزان المياه الرئيسي لإسرائيل، إذ توجد منابع الأنهار والينابيع العذبة، مع امتداد فسيح لأراض خصبة متنوعة طبوغرافيا، مما يساهم بشكل فعال في تعزيز تنمية زراعية غنية ومتنوعة، وهو ما أَهّل الجليل ليكون مركزا زراعيا وصناعيا ومصدرا رئيسيا للأمن الغذائي في البلاد.
وتضم المنطقة مئات المنشآت الصناعية والتجارية، وآلاف المشاريع الإنتاجية والاستثمارية، وقد تسببت عمليات الإخلاء في إغلاق كامل لقطاعات صناعية وزراعية وإنتاجية، وفي أغسطس/آب 2024 قدّر تقرير صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خسائر القطاع الزراعي والتكلفة الإجمالية لخسارة الغذاء خلال 10 أشهر من الحرب بنحو مليار شيكل (نحو 265 مليون دولار).
كما يكتسي الشمال بالنسبة لإسرائيل أهمية سياحية، إذ يضم أكثر من ألف موقع سياحي، تتنوع بين السياحة الاستجمامية والثقافية والتاريخية، ويقصدها حوالي 1.5 مليون سائح سنويا.
وقد تعرض القطاع السياحي في المنطقة بدوره لخسائر فادحة، وبحسب تقارير رسمية، بلغت خسارة الدخل المباشر من السياحة مليارا و150 مليون شيكل (نحو 305 ملايين دولار)، إضافة إلى ملياري شيكل و645 مليون أخرى (نحو 700 مليون دولار) من الإيرادات المفقودة في دوائر دعم السياحة.
القوات العسكرية في الجبهة الشمالية
تندرج عمليات الجبهة الشمالية العسكرية تحت القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، وهي قيادة إقليمية مركزها مدينة صفد، ويخضع لها النشاط العسكري كله في لواء الشمال، وتتبع لها العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش في سوريا ولبنان، ويتركز نشاطها العملياتي والاستخباراتي في الجليل والجولان المحتلين وجنوب لبنان.
وتتمركز في المنطقة الشمالية 5 فرق عسكرية تابعة للجيش الإسرائيلي هي: الفرقة "91" المسماة "فرقة الجليل"، والفرقة "210" أو ما تُسمى "فرقة الجولان"، والفرقة "36"، والفرقة "99"، وفرقة الاحتياط "146"، إضافة إلى فرق حراسة المستوطنات الشمالية.
وتتكون فرقة "210" من 6 ألوية، ومن مهامها الحراسة في الجولان المحتل على الحدود السورية. وتضم الفرقة "91" ستة ألوية كذلك، منها لواءان لحراسة الحدود اللبنانية ومنع التسلل عبرها، وهما: "لواء برعام" الذي يتولى حراسة الجهة الغربية من الحدود من رأس الناقورة حتى المالكية، و"اللواء 769″ الذي يتولى حراسة الحدود في النصف الشرقي من المالكية حتى جبل الشيخ.
وتقاتل على الجبهة الشمالية مجموعة من وحدات المشاة والمدفعية والألوية، أبرزها: "لواء غولاني" واللواء المدرع السابع واللواء المدرع "188" والفرقة "282" من فيلق المدفعية، إضافة إلى مجموعة من كتائب الاستطلاع.
وفي شهر مارس/آذار 2024 شكل الجيش الإسرائيلي لواء "ههاريم" أو "الجبال" بغرض تعزيز دفاعات الجيش على الجبهة الشمالية، ورفع قدرته على التعامل مع الوضع الأمني المتأجج على الحدود الشمالية منذ معركة طوفان الأقصى، ويختص اللواء بالقتال في التضاريس الصعبة والمناطق الجبلية، ويتمركز في منطقتي جبل الشيخ وجبل دوف، اللذين يشكلان مفصلا على الحدود اللبنانية السورية عند تقاطع الفرقتين"91″ و"210″.
وقد منحت الطبيعة الطبوغرافية المرتفعة ميزة عسكرية للمنطقة، وأفضلية في السيطرة الميدانية والتكتيكية تسمح بإنشاء قواعد عسكرية ومراكز اتصالات ومراقبة على القمم، وحرص الجيش الإسرائيلي على نشر غطاء وافر، يقدر بالمئات، من القواعد والمواقع العسكرية والاستخباراتية الإستراتيجية ومواقع الدفاع الجوي التي تشمل بطاريات صواريخ القبة الحديدية ومواقع الرادارات في منطقة عمليات الجبهة الشمالية، إضافة إلى عشرات الثكنات ومعسكرات الجيش ومستودعات الذخيرة.
وتعمل تلك المواقع على دعم العمليات القتالية للجبهة لتتمكن القوات من مراقبة الحدود عن كثب والاستجابة السريعة لأي تهديد عسكري، وتتركز تلك المواقع في مرتفعات الجولان ومناطق الجليل، لا سيما حيفا والمستوطنات الحدودية.
ومن أبرز قواعد الجليل:
- قاعدة رامات ديفيد الجوية، وهي كبرى قواعد الشمال.
- قاعدة ميرون، التي تعد مركزا رئيسيا للمراقبة وتنظيم العمليات العسكرية والتشويش الإلكتروني.
- قاعدة أفيفيم، التي تضم وحدات مدفعية ثقيلة تعمل على تقديم الدعم الناري للقوات المنتشرة على طول الحدود.
- قاعدة زرعيت، وهي مخصصة لمهام الاستطلاع.
- مستودع عيلبون المخصص لتخزين قذائف المدفعية النووية والألغام النووية.
- ثكنة برانيت، وهي مقر قيادة الفرقة "91".
وتدعم الجبهة الشمالية قواعد بحرية، مثل:
قاعدة حيفا البحرية، التي تمثل مقر البحرية الإسرائيلية الرئيسي، وهي مقر غواصات الدولفين القادرة على إطلاق صواريخ كروز، والتي يمكن تزويدها برؤوس نووية.
قاعدة عتليت البحرية، وهي مقر وحدة النخبة البحرية للجيش الإسرائيلي شايطيت 13، ومنها تنطلق مهام عسكرية واستخباراتية خاصة.
أما قواعد الجولان، فأهمها:
- قاعدة نفح، وتضم مقر قيادة فرقة الجولان وقيادات عسكرية أخرى.
- قاعدة تسنوبار، التي تقدم خدمات لوجستية، وتضم مستودع تسليح ومركز ذخيرة للمدفعية.
- قاعدة يردن، التي تضم مقر قيادة الجمع الحربي للفرقة "210".
- مركز استطلاع جبل حرمون، الذي يقوم بمهام تجسسية واستخباراتية.
- موقع القنيطرة لوحدات المدفعية وفرق الاستطلاع.
تاريخ الجبهة الشمالية
منذ نشأة دولة الاحتلال، تميزت الجبهة الشمالية بالتوتر، وقلما سادها الهدوء، وعلى مر السنين نشبت العديد من الحروب، ونفذت القوات الإسرائيلية اجتياحات برية وعمليات عسكرية ومهام خاصة في منطقة عمليات الجبهة.
وقد كانت البداية حين أطلقت العصابات الصهيونية عملية حيرام عام 1948، واستولت على الجليل، واجتاحت الحدود الجنوبية للبنان ووصلت إلى مشارف نهر الليطاني، وفي العام الذي يليه انسحبت إسرائيل من المنطقة التي احتلتها على إثر توقيع اتفاقية الهدنة.
ولم تستقر الأوضاع الأمنية على الجبهة، بل ظل يسودها التوتر، ووقع نحو 140 اعتداء إسرائيليا على المناطق اللبنانية في الفترة الواقعة بين عامي 1948 و1965، ثم ارتفعت وتيرتها بعد ذلك مع تشكيل حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، واستقرار بعض خلاياها في الجنوب اللبناني.
وفي حرب يونيو/حزيران 1967، احتل الجيش الإسرائيلي مزارع شبعا، ومساحات من الهضاب الغربية والجنوبية لجبل الشيخ في لبنان، وهضبة الجولان السورية.
وعلى مدى ثلاثة عقود لاحقة، اجتاحت قوات الاحتلال الحدود اللبنانية مرارا، ونفذت العديد من العمليات على الأراضي اللبنانية، كانت أبرزها عملية الليطاني عام 1978، وعملية سلامة الجليل عام 1982، وعملية تصفية الحسابات عام 1993، وعملية عناقيد الغضب عام 1996.
وفي عام 2000، نجح حزب الله في إجبار الجيش الإسرائيلي على الانسحاب من لبنان، ولكن القتال تصاعد على الجبهة الشمالية من جديد عام 2006، ونشبت حرب بين إسرائيل وحزب الله، واجتاحت إسرائيل الأراضي اللبنانية.
وبموجب قرار مجلس الأمن رقم 1701 وضعت الحرب أوزارها، ومُنعت المنظمات المسلحة من الوجود في المنطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني على طول حدود إسرائيل مع لبنان وسوريا.
ومع ذلك بقيت الجبهة ساحة اشتباكات، وبين الحين والآخر تندلع مواجهات بين إسرائيل والمقاومة في لبنان بما في ذلك إطلاق صواريخ وطائرات من دون طيار وهجمات أخرى عبر الحدود من الطرفين، كما نفذت إسرائيل مئات الغارات الجوية على سوريا بحجة منع إيران من ترسيخ وجودها العسكري هناك.
الجبهة الشمالية بعد طوفان الأقصى
في اليوم التالي لمعركة طوفان الأقصى، بدأ حزب الله ما سماها "حرب الإسناد" تضامنا مع قطاع غزة في إطار سياسة ما تعرف بـ"وحدة الساحات"، وانضمت للمعركة فصائل أخرى منها: قوات الفجر اللبنانية الجناح العسكري للجماعة الإسلامية في لبنان، وحركة أمل، وفرع كل من كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
وأخذت المسيرات والرشقات الصاروخية وقذائف الهاون تقصف بوتيرة يومية المستوطنات الإسرائيلية والمواقع الإستراتيجية والقواعد والثكنات والعسكرية وغيرها من النقاط الحيوية.
وعلى الرغم من قوة أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية، فإن حزب الله استطاع ضرب مئات الأهداف العسكرية والمدنية الإسرائيلية الحيوية، منها: قاعدة ميرون، وقاعدة أفيفيم، ومركز الاستطلاع بحرمون، وثكنة برانيت.
وأعلن الحزب عن أسلحة استخدمها للمرة الأولى منذ بدء التصعيد، منها صواريخ "جو-أرض" وصواريخ "بركان" ومنصة الصواريخ "ثأر الله" و"فيلق" والطائرة المسيرة المسلحة بالصواريخ، بدلا من المتفجرات.
كما كشف عبر مقاطع مصورة عن قدرات طائرات الاستطلاع من دون طيار التابعة له في الوصول إلى العمق الإسرائيلي، وتصوير مواقع عسكرية وحيوية حساسة.
ومن جانبها، شنت إسرائيل هجمات واسعة على المدن والبلدات والقرى في الجنوب اللبناني، كما امتدت غاراتها إلى مناطق أخرى في العمق اللبناني شمالي نهر الليطاني بالضاحية الجنوبية لبيروت وبعلبك وغيرهما.
وخلفت الضربات الإسرائيلية دمارا هائلا في البنية التحتية في لبنان، بما فيها المنازل والكنائس والجوامع والمدارس والمراكز الصحية، وأودت بحياة مئات المدنيين. وبحسب بيان للأمم المتحدة في منتصف أغسطس/آب 2024، نزح أكثر من 110 آلاف مواطن لبناني من الجنوب منذ بداية الحرب، ناهيك عن الخسائر الاقتصادية الفادحة التي قُدرت بمليارات الدولارات.
ونفذت إسرائيل عمليات اغتيال وتصفيات واسعة استهدفت العديد من قادة حزب الله، أشهرهم: فؤاد شكر وطالب سامي عبد الله ووسام الطويل ومحمد نعمة ومحمد جبارة، كما اغتالت قادة من فصائل أخرى على الأراضي اللبنانية، أبرزهم: القياديان في حركة حماس صالح العاروري وهادي مصطفى.
وصرح رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، في مطلع سبتمبر/أيلول 2024، بأن الجيش الإسرائيلي إلى جانب تنفيذ ضربات وقائية واستهداف البنية التحتية لحزب الله، يستعد للقيام بعمليات هجومية داخل أراضي لبنان، وأن القيادة الشمالية تستخدم كل قدرات الجيش لضرب قدرات حزب الله ومنعه من تنفيذ عملية هجومية داخل إسرائيل.
وعقب الاعتداءات الإسرائيلية على المناطق اللبنانية، والاغتيالات التي استهدفت عناصر المقاومة وقادتها، تكثفت هجمات حزب الله وزادت حدتها، وضربت مواقع إستراتيجية في العمق الإسرائيلي في الجولان ومختلف أنحاء الجليل، كما وصلت إلى الأطراف الشمالية لمدينة تل أبيب، إذ استهدفت قاعدة الاستخبارات العسكرية غليلوت.
ومن سوريا، أطلقت فصائل مسلحة أكثر من مرة قذائف صاروخية تجاه إسرائيل عقب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وبدورها نفذت إسرائيل ضربات في الداخل السوري، منها: استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق واغتيال مستشارين عسكريين إيرانيين، وضرب محيط مدينة مصياف في سبتمبر/أيلول 2024، مما أسفر عن مقتل 16 شخصا وإصابة أكثر من 40.
ووفقا للمصادر الإسرائيلية الرسمية، تضمنت حصيلة المعارك، خلال الأشهر العشرة الأولى من الحرب: إطلاق حزب الله أكثر من 7500 صاروخ عبر منها إلى إسرائيل نحو 6500، كما عبرت أكثر من 200 طائرة من دون طيار، وتسببت القذائف والصواريخ في قتل 44 شخصا وجرح 271 وإجلاء عشرات الآلاف، فضلا عن اندلاع حرائق في نحو 158 ألف دونم في مناطق الشمال في الجليل والجولان.